طفلكِ... ليس محور العالم!هل يجب رسم حدود للطفل في سن مبكرة؟ هل يمكن الحديث عن نزوات في هذاالعمر؟ تبدأ عملية تربية الطفل تدريجياً خلال عامه الأول. تفيد الضغوطاتالأولى التي يواجهها في تعزيز نموّه وتحقيق التوازن في حياة الأم أيضاً.في ما يلي رأي الخبراء في هذا المجال.
منذ الولادة حتى الشهر الثالث: هو الآمر الناهي!لا شك في أنك تكرّسين حياتك لمولودك الجديد خلال الأسابيع الأولى منولادته، لكنك تتساءلين إذا كان من السليم المبالغة في التعبير عن عشقك له.في الواقع، يمكنك الاستمرار في تلبية جميع رغباته. إنه أمر أساسي لنموّالطفل! يحتاج هذا الأخير إلى أساس عاطفي للانطلاق في حياته. فهو يبنيهابفضل هذا التعلّق بأمه والحب والعطاء الذي تظهرينه له. ستساعده هذهالركيزة العاطفية الصلبة في تحمّل الضغوط اللاحقة.
عملياً، ما يجب فعله هو توقع رغبات المولود الجديد واستباق الأمور كونهغير قادر على الانتظار حتى تلبيتها. عند ظهور أولى علامات الجوع، يجب أنتكون زجاجة الحليب حاضرة أو أن تبدئي بإرضاعه فوراً. قبل أن يبدأ بالبكاء،احضنيه بين ذراعيك لملاطفته وتهدئته. نظّمي حياتك الجديدة إلى جانبه وفقاًلإيقاعه الخاص.
بين 3 و 6: علّميه الصبر!بعد بناء أساس عاطفيّ صلب، يمكنك البدء بتعريضه لضغوطات بسيطة في حياته.لا يعني ذلك استعمال القسوة في تربيته، منذ الشهر الثالث، بل بفرض فتراتمعينة قبل إعطائه ما يطلبه. بذلك، يطوّر موارده الخاصّة ويتدبّر أمرهبنفسه.
عملياً، لا داعي لتحضير أربع زجاجات حليب مسبقاً. دعيه ينتظر حتى تنتهي منتحضيرها. هل ينفجر بالبكاء خلال إجرائك اتصالاً هاتفياً؟ لا تقفلي الخطفوراً لكن أنهي المكالمة بهدوء. هل يبكي في وقت النوم؟ انتظري لحظاتقليلة، فقد يستسلم للنوم على صوت أنينه. إذا لم يحصل ذلك، استعيدي دورالأم الصالحة وحاولي تهدئته. حان الوقت للابتعاد قليلاً عنه! لقد أصبحالطفل كبيراً بما يكفي لتحمّل ابتعادك عنه لبضع ساعات. يمكنك زيارةصديقاتك أو الذهاب إلى مزيّن الشعر بينما تتركين الطفل مع والده. سيجدطفلك الحلول اللازمة لتحمّل غيابك: سيضع يده في فمه مثلاً. في جميعالأحوال، لا تمارسي عليه ضغوطات كثيرة في آن.
بين الشهر السادس والسنة الأولى: ارسمي حدوداً لمصلحته!بعد الشهر السادس، يبدأ الطفل بامتلاك أهم موارد تحمّل الضغوط. فيتعرّفعلى قدميه ويديه، ويحبو تدريجياً، ويكتشف العالم المحيط به. لذلك، يصبحفرض الحدود ضروريّاً للمحافظة على سلامته. يتعلّم الطفل تدريجيّاً كيفيةاستعمال وسائله الخاصّة لتهدئة نفسه حين لا يكون سعيداً (ألعاب،موسيقى...). بعد تحديد هذه المبادئ، تحلّ اللحظة المناسبة لفرض حدودٍ فيعلاقتك مع الطفل أو قواعد اجتماعية لعلاقته مع الغير.
من أهم القواعد التي يجب فرضها، عدم وضع الأصابع في الفم، ربط حزام الأمانفي السيارة، عدم لمس الأغراض القابلة للكسر... على الطفل أن يستوعب وينفّذعدداً كبيراً من الممنوعات خلال اكتشافه العالم. هو لا يستطيع استيعابجميع المصطلحات التي تستعملينها، بل يفهم ما تريدينه من نبرة صوتك،وبالتالي يدرك ما لا يجب فعله. إشرحي له بهدوء ومن دون قضاء ساعاتلإفهامه. من الطبيعي تكرار المبادئ نفسها على مسمعه. أتركي له الحريّة(سيتعلّم المشي من خلال التعثّر والسقوط!)، اعتمدي تدابير وقائية في محيطه(انتبهي من الأرض الزالقة أو زوايا الأثاث الحادّة!). في علاقته معالآخرين، أفرضي عليه قواعد محددة: لا يمكنه «احتكار» أمه له وحده، وعليهأن يترك مجالاً لإخوته وأخواته ويتوقف عن الصراخ...
انفصاله عنكِ صعب لكنه ضروريّ!منذ الشهر الثامن، يدرك الطفل معنى غياب أمه، فيخشى أنها لن تعود أبداً.يمرّ الأطفال جميعاً بهذه المرحلة التي تُسمّى «القلق من الفراق» أو«الخوف من المجهول». كيف يمكن التصرف تجاه ذلك؟ لا تعتبري الأمر نزوة لكنطمئنيه. أظهري له أنك لن تتركيه إلى الأبد. سيفهم تدريجياً أن الفراق يليهلقاء. هل تغادرين غرفته فيناديك؟ عودي إليه، داعبيه، اشرحي له أنكستعودين. إذا أعاد الكرّة، كلّميه لكن من بعيد. أخبري أفراد الأسرة عنحالته! هل تنزعج والدتك مثلاً من سماع الصراخ لدى وصولها؟ أخبريها بأنالطفل يمرّ بمرحلة دقيقة من نموّه، وأنه سيستقبلها بكلّ سرور في المرّةالمقبلة...