في آذار عام 1967 , لفظ والدي(رحمه الله) آخر انفاسه, بينما كان يسير في ساحة المنزل , إثر نوبة قلبية مفاجئة , ولم يكن يشكو من ألم , ولا أتذكّر أنه راجع طبيبا طوال حياته . قضى وهو في منتصف الخمسينات , مودّعا هذه الدنيا الزائلة . وحينها نظمت هذه السينيّة:
كسف شمسي
لمَ يانفس التأسّي = ليس إلاّ كسف شمسي
خبّرتك الشمس ماذا = كسفها يعني كدرس
لن يدوم العيش دهرا = كالشتا فصل ويمسي
غابت الشمس نهارا = ريحنا تجري بعكس
أغمض العين شهيدا = ذاك حكم دون مسّ
ليس من فدوٍ بديل = والفدا عزّ لتعسي
بكت الطير وناحت = في البراري ثم ترسي
طاف دمعي فوق طرفي = أظلم الحيُّ ولبسي
قد بكاه الصحب حزنا = زحمة الندب كعرس
عاش في زهد وتقوى = نعْيه علمٌ مؤسّي
زهده كان مثالا = وهو للإيمان يُرسي
حبُّه للناس نهج = دَمِث الخُلْق تأسِّ
من أب كان زهودا = وهو للزهد كأسِّ
سار خلف النعش جمع = أمم من كل جنس
لا ولن يكفي رثائي = بقريضي أو بحدسي
للوفا كنت مثالا = للتقى رمزا ببأس
لم تقل ويحك إبني = تعتني فينا كغرس
قد ترفّعت طهورا = ناهيا عن كلِّ رجسِ
كنت للهدي منارا = جاهرا , لاقول همسِ
بهجتي سارت للحد = لم أجد بعدك أنسي
ياإلهي كم فجعنا = فقده أمرٌ مؤٍّسّي
لست أدري كيف أرثي = جفَّ حبري قبل حِسّي
كلُّ قولٍ قيل عنه = سوف يبقى ذكر جلسي
إنّنا صرنا يتامى = ليس يومي مثل أمسي
رُغم رحب الأرض حولي = أحسبُ الدنيا كحبسِ
رحمة الله إليك = جنّة الخلد بغرس
(فلنترحم على من مات , والبقاء لله)